قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحل الله فى كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله العافية فإن الله لم يكم نسيا ثم تلا هذه الآية : وما كان ربك نسيا

 

يقول سبحانه وتعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) المائدة : 89. فهل الحلف بالكعبة والشرف والأب ، من اللغو ؟ أم أن اللغو هو الحلف بالله لغير حاجة

س30

الحلف بغير الله حرام ، منهي عنه شرعًا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المسلم أن يحلف بأبيه ، وقال : ( لا تحلفوا بآبائكم . من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليذر ). وقال : ( من حلف بغير الله فقد أشرك) . لأن الحلف نوع من التعظيم للمحلوف به ، ولا يجوز أن يعظم المؤمن غير الله عز وجل
فلهذا لا يجوز أن يحلف بالكعبة بل يحلف برب الكعبة ، ولا يجوز أن يحلف بالنبي أو بالولي أو بقبر أبيه أو بشرفه أو بحياة ولده أو بتراب وطنه ، أو بشيء من ذلك .. كل هذا لا يجوز ، وإنما الحلف بالله فقط . هذا هو الذي جاء به الإسلام . وهو نوع من تحرير العقيدة وتحرير التوحيد . وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً . لأنه يرى أن سيئة الشرك مع الصدق أشد من سيئة الكذب مع التوحيد ، فإنه إذا حلف بالله فقد عظمه ووحده . ويبقى عليه إثم الكذب - إذا حلف كاذباً - ولكن إذا حلف بغير الله فقد أشرك ، فيكون عليه إثم الشرك ، وهو عظيم ، وله ثواب الصدق وهو ضئيل بالنسبة إلى إثم الشرك الذي ارتكبه . فالتوحيد أهم من الصدق في ذلك ، ولهذا لا يجوز للمسلم أن يحلف إلا بالله عز وجل . وليس هذا هو معنى اللغو ، ولكن اللغو له معنيان :
الأول : أن يجري اسم الله على لسانه دون أن يقصد الحلف حقيقة . كأن يقول مثلا : بالله تفضل عندنا ، والله لتأكلن هذه
وما إلى ذلك فهو بهذا لا يعقد في نفسه يميناً ولا قسماً ، وإنما يجري على لسانه بالعادة وكثرة الاستعمال . والمعنى الآخر للغو هو : أن يحلف الإنسان على شيء ، يظنه حقاً فيظهر أنه على غير ما يظن. كأن يرى إنساناً عن بعد فيقول : والله هذا فلان قادم . ثم يتبين أنه غير الذي ظنه أو يحلف أن الشيء الفلاني هو كذا على حسب ظنه ، ثم يتبين خلاف ظنه . إنه رجح واجتهد وحلف على ما يظن أنه الحق ، ثم ظهر الأمر على خلاف ما ظن . فهذا ضرب من اللغو وليس فيه إثم . إنما الإثم في اليمين الغموس أو اليمين المعقدة إذا حنث فيها . فالأيمان ثلاثة

يمين اللغو ، وهي التي تحدثنا عنها .واليمين الغموس ، وسميت كذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم في الدنيا ، وفي النار في الآخرة . وذلك أن يحلف متعمداً الكذب ، كأنه يقول: والله ما أخذت منك شيئا ، وهو قد أخذ أو استدان ، ويذكر ذلك جيداً ولا ينساه . أو يحلف أنه لم يعمل الشيء الفلاني وهو قد عمله . هذه هي اليمين الغموس ، أو اليمين الفاجرة ، التي تذر الديار بلاقع . واليمين الثالثة : هي اليمين المنعقدة : وهي أن يحلف الإنسان على أمر مستقبل في أن يفعل كذا أو لا يفعل كذا . يحلف أن لا يذهب إلى المكان الفلاني ، ثم إذا ذهب بعد ذلك إلى نفس المكان يكون قد حنث … ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) . كثير من الأيمان التي يقع فيها الناس هي من هذا النوع الأخير كأن يحلف عازماً على أمر في المستقبل، أن يفعل أو لا يفعل . فهذه هي اليمين المنعقدة ، التي تترتب الكفارة على الحنث فيها وهذا إذا كان الحلف بالله تعالى . أما الحلف بغيره فهو حرام بل كبيرة كما بينا ، وليس له كفارة إلا التوبة النصوح والعمل الصالح

جـ30